

في تاريخ كرة القدم، لم تكن البطولات الكبرى تُحسم دائمًا بالأهداف وحدها، بل لعبت القرارات التحكيمية دورًا حاسمًا في تغيير مسار المنافسات، أحيانًا في لحظات فارقة لا تُنسى.
بعض هذه القرارات ظل محل جدل لعقود، وأعاد تشكيل تاريخ بطولات كاملة، سواء على مستوى المنتخبات أو الأندية.
في ربع نهائي كأس العالم 1986، سجّل دييغو مارادونا هدفًا بيده في شباك إنجلترا، في لقطة شهيرة عُرفت لاحقًا باسم “يد الله”. الحكم احتسب الهدف رغم الاعتراضات، ما منح الأرجنتين التقدم في المباراة التي انتهت بفوزها 2-1. واصلت الأرجنتين طريقها حتى التتويج باللقب العالمي، ليصبح هذا القرار أحد أكثر اللحظات التحكيمية تأثيرًا في تاريخ كأس العالم.
في دور الـ16 من مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، ألغى الحكم هدفًا صحيحًا للإنجليزي فرانك لامبارد أمام ألمانيا، رغم تجاوز الكرة خط المرمى بوضوح. كانت النتيجة حينها 2-1 لصالح ألمانيا، قبل أن تتلقى إنجلترا خسارة قاسية 4-1. هذا القرار شكّل نقطة تحول في البطولة، وساهم بشكل مباشر في تسريع اعتماد تقنية خط المرمى لاحقًا.
في نهائي دوري أبطال أوروبا 1998 بين ريال مدريد ويوفنتوس، احتسب الحكم ركلة جزاء لصالح ريال مدريد أثارت جدلًا واسعًا حول صحتها. ورغم أن المباراة انتهت بفوز ريال مدريد 1-0، فإن تلك اللقطة بقيت محل نقاش لسنوات، باعتبارها إحدى القرارات التي أثرت على هوية بطل البطولة.
في نهائي كأس أمم إفريقيا 2015 بين كوت ديفوار وغانا، شهدت المباراة عدة قرارات تحكيمية مثيرة للجدل خلال الوقتين الأصلي والإضافي، قبل أن تُحسم بركلات الترجيح. بعض الحالات التحكيمية أثارت احتجاجات من الجانبين، لكنها لم تمنع تتويج كوت ديفوار باللقب بعد واحدة من أطول وأشهر سلاسل ركلات الترجيح في تاريخ البطولة.
في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2009 بين برشلونة وبايرن ميونخ (قبل مواجهة تشيلسي الشهيرة)، شهدت البطولة قرارات تحكيمية متتالية أثرت على مسار الأدوار النهائية. تلك النسخة تحديدًا أعادت فتح النقاش حول مستوى التحكيم الأوروبي، وأسهمت لاحقًا في تسريع تطوير أنظمة دعم الحكام.
في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا 2009، رفض الحكم النرويجي توم هينينغ أوفربو احتساب عدة ركلات جزاء لصالح تشيلسي أمام برشلونة. انتهت المباراة بالتعادل 1-1، وتأهل برشلونة بقاعدة الهدف خارج الأرض، قبل أن يواصل طريقه ويتوج باللقب. تُعد هذه المباراة من أكثر المباريات التي أثارت جدلًا تحكيميًا في تاريخ البطولة.
أدت هذه القرارات وغيرها إلى تغييرات جذرية في كرة القدم، أبرزها إدخال تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR)، وتقنية خط المرمى، بهدف تقليل الأخطاء المؤثرة على نتائج البطولات. ورغم ذلك، لا تزال القرارات التحكيمية جزءًا من الجدل الدائم في اللعبة.
تُظهر هذه الوقائع أن الحكم، في لحظة واحدة، قد يغيّر مسار بطولة كاملة، ويكتب فصلًا جديدًا في تاريخ كرة القدم. وبين عدالة القرار وخطئه، تبقى الحقيقة الثابتة أن التحكيم سيظل عنصرًا لا ينفصل عن اللعبة، مهما تطورت التكنولوجيا.