بالأمس انتهى الموسم الأوروبي بعد فوز مانشستر سيتي الإنجليزي على انتر ميلان الإيطالي بهدف نظيف في بطولة دوري ابطال اوروبا على ملعب اتاتورك الأوليمبي بمدينة اسطانبول في تركيا، لتعلن صافرة الحكم النهاية السعيدة لدى عشاق السيتي وبيب جوارديولا بتحقيقه الثلاثية التاريخية للمرة الثانية في مسيرته كمدرب.
بعد 7 سنوات مع النادي الإنجليزي، وبعدما صرف اكثر من مليار و200 مليون يورو، ينجح جوارديولا في ان يقتنص اللقب الذي غاب عنه منذ ان كان مع برشلونة في عام 2011 بقيادة ميسي ورفاقه. استغرق الامر محاولات عدة واخفاقات في الامتار الأخيرة كما حدث امام تشيلسي في نهائي 2021، ولكن في هذا الموسم التاريخي يا بيب فالحظ ابتسم لك اخيرا عندما كنت تحتاجه، ليتمكن رودري ان يحسم اللقب الأول في تاريخ ناديه، ويسطر اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الكرة الإنجليزية. ولكن، كيف ظهر السيتي بهذا الاداء الباهت الذي كاد وان يضيع عليه الفرصة التاريخية لتحقيق الثلاثية الأولى في تاريخ النادي؟ ماذا قدم الانتر بدفاع الطليان لكي يتفوق على الفريق الأقوى في اوروبا بدون منازع في خلال الـ90 دقيقة التي شاهدناها بالأمس؟
دخل بيب بخطته المعتادة منذ النصف الثاني من الموسم الحالي وهي "3-2-4-1"، ثلاثي خط الظهر امامهم رودري وستونز، ورباعي هم بيرناردو وجندوجان ودي بروين وجريليش امامهم في خط الهجوم النرويجي هالاند. اما الانتر فدخل بخطة "5-3-2" في محاولة لتضييق الخناق على الأجنحة، خاصةً باستخدام دارميان ودامفريز على اليمين، وباستوني ودي ماركو على اليسار. بدأ اللقاء وبدا الانتر الطرف الأفضل حيث نجح في ان يقف امام رباعي وسط الميدان لدي السيتي وصعب عليه الخروج بالكرة،حيث كان باريلا وتشالهانوجلو مكلفين بمراقبة دي بروين وجندوجان، اما دجيكو ولاوتارو الثنائي الهجومي تكلفوا برقابة رودري وستونز، وترك عناصر الانتر الكرة لقلوب الدفاع بكل اريحية مما اضطرهم للعب الكور الطولية في كثير من الاحيان او حمل الكرة بأنفسهم للأمام، وهي التي استعد لها الانتر على اكمل وجه، حيث استخلص الكرة في نصف ملعب السيتي اكثر من مرة في اول نصف ساعة من عمر اللقاء ولكن لم ينجح في ان يترجمها الى فرص محققة للتسجيل. وواجه جوارديولا المنعرج الأول في اللقاء بعد إصابة نجمه البلجيكي كيفن دي بروين وإشراك فيل فودين بدلاً منه.
ولهذا السبب، غير جوارديولا من شكل فريقه ليلعب برباعى خط الوسط على شكل "دايموند"، اصبح رودري وسط ميدان وحيد امام ثلاثي الدفاع، جندوجان وستونز على يسار ويمين الوسط، وفودين صانع العاب صريح تحت هالاند مع الإبقاء على برناردو وجريليش على الأطراف. وبهذا الشكل تمكن السيتي في ان يجعل الانتر يتطرق لفتح ثغرات في وسط ميدانه بعدما كان مغلق بإحكام في بداية اللقاء. سر تماسك الانتر كان بسبب الزيادة العددية التي خلقها في النواحي الدفاعية، وجود خماسي في خط الدفاع كان دائما يعطي للانتر حل اضافي لمراقبة القادمون من الخلف بالنسبة للمان سيتي، لذلك ظلت الزيادة العددية التي يخلقها متوسطي ميدان السيتي دون جدوى. حتى جاء الهدف الوحيد للقاء بعدما حمل اكانجي قلب دفاع السيتي الكرة للأمام، ومرر بينية لبرناردو ضرب بيها دفاع الانتر بأكمله الذي من دوره مررها للخلف لرودري الذي اسكنها في الشباك ليعلن تقدم السيتي. من هنا تتضح الأمور بأن الحل جاء بمهارة فردية من قلب الدفاع الذي نجح في ان يفرض زيادة عددية تتغلب على مدافعي الانتر. كان الانتر جاهز للسيتي على اكمل وجه ولكن التفوق الفردي لعناصر السيتي هو من حسم اللقاء لصالحهم في النهائي.
البعض يتساءل، ماذا بعد يا جوارديولا؟ هل سيهدأ الإعصار؟ ام يستمر عصر السيطرة والهيمنة على الكرة الإنجليزية وتتذوق اوروبا من نفس الكأس الذي تذوقه ليفربول وارسنال ويونايتد من قبل؟